العمل التطوعي

لا يخفى على أحد ما اختص الله به العطاء من أجر ومثوبة ، ولكن هل من الممكن أن يكون للعطاء تأثير على الصحة والعافية .

حيث أكدت بعض الدراسات أن فوائد التطوع لا تقتصر على المستقبل والمستفيد من العمل التطوعي إنما تمد للذي يقوم بالعمل والخدمة التطوعية ، وقد وجد أن الذين يساهمون سواء كان بالوقت أو الجهد أو المال يحققون صحة أفضل من قرنائهم الذين لا يساهمون بالأعمال التطوعية .
إن ممارسة العطاء والايثار تؤدي إلى زيادة افراز هرمونات الإدوروفين وهي المسؤولة عن الاحساس بالنشوة والسعادة وكذلك تؤدي إلى زيادة هرمون آخر يسمى الاكسيتوسن كما أنها تؤدي إلى خفض افراز هرمون التوتر مثل هرمون الكورتزول وتقلل من آثاره السلبية .
وفي دراسة  وجد أن الفوائد الصحية من ممارسة العطاء تفوق فوائد ممارسة الرياضة أربع مرات اسبوعيا بل وأثبتت التجربة أنه بمجرد مشاهدة فيلم عن العطاء تزداد الخلايا المناعية في الجسم .
وفي دراسة أخرى أثبتت أن الأشخاص الذين يعانون من آلام وأمراض مزمنة قد خفت آلامهم بعد تقديمهم العون لمرضى آخرين .وفي دراسة اثبتت أن الأعمال التطوعية خفضت نسبة الوفيات و العجيب في الأمر أن هذه النسبة هي أكبر من النسبة التي نراها نتيجة ممارسة الأنشطة والشعائر الدينية وهذا يتوافق مع الأولوية التي منحها رسول الله صلى الله عليه وسلم لمساعدة الآخرين حيث قال ( لئن يمشي أحدكم في حاجة أخيه خير له من أن يعتكف في مسجدي هذا ) وهذا الخير نجنيه في الدنيا قبل الآخرة .


يذهب الكثير من الباحثين أن من أكثر الوصفات فاعلية في معالجة الاكتئاب هي ممارسة العطاء والايثار بمعنى آخر أن يعطي الطبيب النفسي لمريضه المكتئب وصفة طبية مفادها ( أعن غيرك ) .
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ما الذي يمنع الناس من العطاء ؟
إن أكثر ما يمنعنا من العطاء هو ( التعلق )
تعلقنا بشي من أمور الدنيا والخوف من النقص فيها .

قال تعالى: خلق الإنسان خلق هلوعا *إذا مسه الشر جزوعا *وإذا مسه الخيرمنوعا
ولكن الغريب في الامر ان التعلق نفسه يجعل الحفاظ على الاشياء أكثر صعوبة لأننا بذلك نكون قد خرجنا عن قانون العطاء !
قال تعالى : ” ولئن شكرتم لأزيدنكم ” وأسمى صور الشكر لله هي العطاء بما أنعم الله به عليك .
فلا عطاء من قلب صادق إلا وينتظره عطاء أكبر وأعظم منه .
إن كل عطاء إنما هو عطاء لنفسك بالدرجة الاولى ظاهره أنه عطاء لغيرك ولكن هو في حقيقته عطاء لنفسك بل وإن إحجامك عن العطاء هو حرمان لنفسك وظلم لها وبخل منك عليك .
يقول الله تعالى في الحديث القدسي ( عبدي أنفق أنفق عليك )
اي أنفق من مالك يضاعفه لك وأنفق من وقتك وصحتك يبارك لك فيهما وأنفق من علمك يزد لك فيه .
يقول تعالى ” إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها “